الحكامة: المبادئ والأسس
صفحة 1 من اصل 1
الحكامة: المبادئ والأسس
[b]الحكامة: المبادئ والأسس
إن الحكامة Gouvernance كفكرة و اصطلاح شاع و استخدمها بشكل واسع مع بداية
عقد التسعينيات من قبل المنظمات الدولية كمنهجية لتحقيق التنمية المجتمعية
في الدول النامية، نتيجة لقصور الإدارات الحكومية عن تحقيق ذلك بفعالية و
كفاية. كما أن فكرة و منهجية الحكامة غدت في العقود الثلاثة الأخيرة من
القرن الماضي على قدر كبير من الأهمية للدول، سواء منها المتقدمة أو
النامية، لتحقيق طموحات المواطنين فيها بتوفير التنمية الشمولية و إدامتها.
إلا أن الأمر أصبح إلحاحا على الدول النامية نتيجة للتحديات العالمية
كالعولمة و التجارة العالمية الحرة و سرعة انتشار المعلومات و كذلك
التحديات المحلية كالتنافس و الاستثمارات الخارجية و الداخلية و الفقر و
البطالة.
لدا أصبح إلتزام الدول النامية بمنهجية الحكامة الجيدة أمرا في غاية
الأهمية، لما ينطوي عليه من الكامل أدوار الإدارة، الحكومة و القطاع الخاص و
مؤسسات المجتمع المدني و عموما فالحكامة تأخذ بعين الاعتبار التداخلات بين
مختلف القطاعات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية على مستويين المحلي و
الدولي، إنها حركية دائمة تهدف بالأساس إلى التكيف مع المعطيات الجديدة و
ذلك من خلال المشاركة و التشارك ليتسنى تحقيق التنمية المجتمعية ذات
الكفاية و الفعالية و الاستجابة للمواطنين و طموحاتهم وفق ما ترتكز عليه
الحكامة من مميزات تعكس الشفافية و المساءلة و التشارك في تحمل المسؤولية و
المشاركة في رسم السياسات و تعزيز دولة القانون و اللامركزية لتقريب صناع
القرار من المواطنين، و تحقيق الاندماج السياسي و الاعتراف بالاختلاف و هذا
يتطلب إصلاح جدري لكل مكونات الدولة المساهمة في الحكم.
كما أنه بالنسبة للمغرب هناك دينامية جديدة لا مناص من أن تخترق المؤسسة
الملكية و الإدارة و الجماعات المحلية ما دام أن الإصلاح و الحداثة هما
مفهومان شموليان و لا يمكنها الاقتصار على قطاع دون آخر أو مجال دون آخر و
تكريس إصلاح حقيقي يتطلب قبل كل شيء حكومة قوية و ليس دولة قمعية لأن
المطلوب هو تكريس دولة المجتمع عبر الإصغاء لمكوناته.
إن الدول القوية حاليا هي الدول الديمقراطية المعتمدة لإستراتيجية واضحة المقاصد و الأهداف.
هذا و يشير موضوع الحكامة في مجموعة من الإشكاليات يمكن تجسيد ما يلي:
ماذا نعني بالحكامة ؟
ما هي أسباب أو دواعي ظهورها ؟
ما هي مرتكزاتها ؟
هذه كلها إشكالات تستوجب الجواب عليها اعتبارا لأهميتها الحيوية حاليا أكثر
من أي وقت مضى، وهو ما سنحاول فعله من خلال الكشف عنه من خلال:
المبحث الأول: عوامل ظهور الحكامة و علاقتها بالتنمية
المبحث الثاني: مرتكزات الحكامة
المبحث الأول: عوامل ظهور الحكامة و علاقتها بالتنمية
إن الحكامة أصبحت إحدى أكثر المفاهيم تداولا في أواسط الباحثين و الحكومات و
بعض المنظمات الدولية المتخصصة. و فيما يلي إبراز للغاية و الأبعاد التي
توظف الحكامة من أجلها سواء في علاقتها بالتنمية المستديمة أو في علاقتها
بمفاهيم أخرى كالديمقراطية.... فالحكامة غدت آلية حديثة تهدف الوصول إلى
الديمقراطية و التنمية (مطلب أول). كما أن ثمة عوامل متعددة ساهمت في
ظهورها من جديد منها عوامل دولية و أخرى وطنية سيما بالنسبة لدول العالم
الثالث التي يعتبر المغرب أحد نماذجها (مطلب2).
المطلب الأول: البعد المفاهيمي و التنموي للحكامة
لقد أثارت الحكامة عدة نقاشات سواء من طرف الباحثين أو بعض الهيئات الدولية
الحكومية أو غير الحكومية بغية إيجاد تعريف شامل لمفهومها .لأنها تختلط
بالعديد من المفاهيم الأخرى (الفقرة الأولى). مع محاولة رصد مختلف أبعادها و
أهدافها (فقرة ثانية).
فقرة أولى: تعريف الحكامة
يصعب إيجاد تعريف شامل لمفهوم الحكامة فقد أثار تعريفها عدة نقاشات كما
يلاحظ غياب مرادف عربي موحد لمصطلح La gouvernance إذ تقابله عدة مصطلحات
عربية منها: الحكمانية، الحكامة الرشيدة، الحكومة، الحكم الرشيد، الحكم
الصالح، الحكم الجيد، الادارة المجتمعية و التلجيم، و تبقى الحكامة هي أكثر
هاته الألفاظ ذيوعا.
و عموما فإن الحكامة مفهوم استعمل في الأصل من طرف الأخصائيين في مجتمع
القرون الوسطى الإنجليزي الذي يتميز بالتعاون بين مختلف مصادر السلطة
(الكنيسة، النبلاء، التجار، الفلاحون...) وقد أعيد استخدامه من طرف البنك
العالمي أثناء عقد الثمانينات و بداية التسعينات لتحديد الطريقة التي تمارس
بها السلطة في تسيير الموارد الاقتصادية في بلد معين.
و الحكامة لا تعني بالمعنى الضيق السلطة السياسية فهي ليست فن التسيير على
مستوى سلطة معينة إنما هي فن تمظهر مستويات مختلفة فهي تسيير إقليم معين
حسب منظمة اليونسكو .
إن أغلب الكتاب الذين كتبوا عن الحكامة يتفقون على أنها آلية تتعلق بعملية
صنع القرار في المجتمع و مؤسساته المختلفة، و تتضمن مجموعة من التفاعلات
ضمن هياكل و عمليات تحدد كيفية ممارسة السلطة و اتخاذ القرار و تعبير
المواطنين عن رأيهم.
كما تعرف الحكامة بأنها ذلك الحكم الذي تقوم به قيادات سياسية منتخبة و أطر
إدارية ..... لتحسين نوعية حياة المواطنين و تحقيق رفاهيتهم، و ذلك برضاهم
و عير مشاركتهم و دعمهم و هي تهدف زيادة مستوى دخل الفرد و تقليل حدة
الفقر و العناية بحقوق المواطنين، ممال يجعلنا نعتبر الحكامة نسقا من
المؤسسات المجتمعية المعبرة عن حاجات الناس تعبيرا سليما، تربطها شبكة
متينة من علاقات الضبط و المساءلة تهدف تحقيق المصلحة العامة بواسطة
الاستعمال الأقصى للوسائل البشرية و المالية و التقنية و كذا المؤسساتية
للدولة، بغية إقامة دولة ديمقراطية نافعة تضمن حقوق المواطنين و توفر آليات
مناسبة لتقويم السياسات ة تصحيحها و التصدي الإساءة استخدام السلطة و
النفوذ و إهدار المال العام .
كما أن تعريف الحكامة يختلف بين الهيئات و المنظمات الدولية فكل واحدة
تعرفها انطلاقا من منظورها الخالص و فيما يلي تعريف بعض هاته التعريفات.
البنك الدولي: يرى أن الحكامة هي الحالة التي من خلالها تتم إدارة الموارد الاقتصادية و الاجتماعية للمجتمع بهدف التنمية.
برنامج الأمم المتحدة للتنمية PNUD: يعرف الحكامة بأنها ممارسة السلطة
الأساسية و الاقتصادية و الإدارية في إطار تدبير شؤون بلد ما على جميع
المستويات، و هي مقولة موضوعية تضم الآليات و السيرورات و العلاقات و
المؤسسات المعقدة التي بواسطتها يقوم المواطنون و الجمعات بمفضلة مصالحهم و
ممارسة حقوقهم و تحمل التزاماتهم، كملا يتوجهون إليها بغاية تصفية
خلافاتهم .
مؤسسات القطاع التطوعي: تعتبر الحكامة هي مجموعة من العمليات و الهياكل
التي يستخدمها المؤسسات لتوجه و تدير عملياتها العامة و أنشطة برامجها.
اتفاقية الشراكة كوتونو: الموقعة بين الاتحاد الأوربي و 77 دولة من جنوب
الصحراء الإفريقية و دول الكاريبي و المحيط الهادي: تعرف في المادة 9 منها
الحكامة (الحكم الصالح) بأنها الإدارة الشفافة و القابلة للمحاسبة للموارد
البشرية و الطبيعية و الاقتصادية و المالية لغرض التنمية المنصفة و
المستمرة و ذلك ضمن نطاق بيئة سياسية و مؤسساتية تحترم حقوق الإنسان و
المبادئ الديمقراطية و حكم القانون.
صندوق النقد الدولي: ينظر إلى الحكامة من الناحية الاقتصادية و تحديدا
شفافية و فعالية إدارة الموارد العامة و استقرار البيئة التنظيمية لنشاطات
القطاع الخاص.
منظمة المن و التعاون في أوربا: ترى أن الحكامة تقوم على بناء و تعزيز
المؤسسات الديمقراطية و تشجيعها، إضافة إلى التسامح في المجتمع ككل.
منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية: ترى أن الحكامة وسيلة لشرعية الحكومة
و العناصر السياسية فيها و احترام حقوق الإنسان و حكم القانون .
و عموما الحكامة هي مجموعة من المناهج تهدف و تحقق تنمية مجتمعية في الدول
النامية نتيجة لقصور الإدارات الحكومية عن تحقيق ذبك بفعالية و كفاءة، كما
أن الأمر أصبح ملحا على هذه الدول نتيجة للتحديات العالمية و الإقليمية و
المحلية . لذا أصبحت الحكامة تعتبر حلا واجب التنفيذ نظرا لما تنطوي عليه
من تكامل بين أدوار الإدارة الحكومية و القطاع الخاص و مؤسسات المجتمع
المدني، و خاصة و أن الحكامة تأخذ بعين الاعتبار التوسعات المكانية
للجماعات المحلية و ذلك بجعلها نظام إنساني متعدد المستويات يطبعه يقترن
بمبدأ المشاركة في اتخاذ القرار المحلي وفق شروط ملائمة للجماعات المحلية
في إطار مركزية فعالة تقل فيها الممارسات الفاسدة و يخول للأقلية و
المجموعات المهمشة التعبير عن رأيها و يمكن الوحدات الإدارية الترابية
الصغرى من استماع صوتها لذا صانع القرارات على المستوى المركزي مما يساهم
في بلوغ التنمية المستدامة.[/b]
مواضيع مماثلة
» المبادئ الأساسية للتشي كونغ والطب الصيني
» تعريف الحكامة
» الحكامة و السياسة
» تعريف الحكامة و تطورها
» الحكامة الجيدة و التنمية البشرية
» تعريف الحكامة
» الحكامة و السياسة
» تعريف الحكامة و تطورها
» الحكامة الجيدة و التنمية البشرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى